" دائماً وأبداً على الكاتب أن يكون منارة تنير أفلاك القارئ "
إن المجتمعات التي تهتم بالقراءة هي مجتمعات مثقفة وواعية، قويةٌ بما لديها من العلم فلا تجد الظلالة سبيلاً لها مستيقظة بما لديها من المعرفة، وراقية بما حازت من الأدب، فهي قوية بقوة السلاح الذي لا يحتاج إلى الذخيرة، ينتقون كلماتهم التي يحاربون فيها الجهل والتخلف.فالكتاب الواحد يعطي القارئ خبرةً كبيرةً لم يستطع المؤلّف أن يجمعها إلّا بعد أن قضى وقتاً طويلاً جداً في الجدِّ والعمل والاجتهاد. من هنا كانت القراءة من الأمور الهامّة غير الثانوية التي يتوجّب على كلِّ الناس أن يجعلها على رأس أولويّاته؛ بحيث تصبح جزءاً أصيلاً من الأنشطة اليومية؛ نقتطف لكم المجموعة القصصية
العربي الأخير
لم يعد المرء اليوم يتوجّس خيفة من مغبّة غيابه عن محافل الحياة ، أو حتّى التّجوُّل في أدغالها الصّعبة ومسالكها الوعِرة؛ الّتي يحلو لعشّاق المغامرة والخيال رُكوبُها؛ بل إنّ كبسولة الزّمن باتت موجودة؛ لمُعايشة الماضي من جديد، أو ربَّما المسافرة في رحلة طارئة إلى المستقبل البعيد؛ والوقوف على أعتاب الواقع ليس فقط كما كان بل كما ينبغي له أن يكون أيضا. وليس فقط كمُجرّد مُشاهد أو متلقً للخبر فحسب؛ بل وأكثر من ذلك مُعايشة اللّحظة والتّفاعل معها أيضا ؛ بفضل هذا التّطوُّر الرَّهيب الّذي عرفه الأدب العربي عموما والجزائري خصوصا، حيث لم يعد قويا من حيث المضمون فحسب ، بل تجاوزه إلى ولادة إبداعية ومباشِرةٍ ؛ لكُتّابٍ شبابٍ من رحم الذّات الإنسانية الواعيّة ؛ الّتي باتت تبحث عن *إكسير الحياة ؛ بين طيّات واقعنا العربي المعيش.
وفي هذا المضمار يُطلّ علينا "سعيد فتّاحين"، كنجم السُّهيل في سماء أدبنا العربي؛ منذرا بقدوم سيلٍ إبداعي جارف بحول الله؛ تتجلّى زخّاته عبر مجموعته القصصيّة الأولى *العربي الأخير
الّتي أراد لها الكاتب أن تكون غيثّا طيبا في أرض وطننا العربي، عساها تغتال ربيع ثوراتنا فتستحيل ربيعا أخضرا مُزهرا؛ تتخلّلُه *بساتين الزّيتون و*حقول الياسمين، عبر باكورة إبداعه الأولى التي جاءت *كالعِقد الفريد وما إحتوته من قصص شيّقة؛ تناثرت بين ثنايا المتن كحبّات من اللؤلؤ المتراصّة بعنايةٍ؛ نستشهد ببعض إقتباساتها:
*العربي الأخير:
"كان الدّخان المنبعث من جمجمتي يثير كومة ضباب خلف ساحة الكتدرائيّة، إبتسمت قليلا وتأسّفتُ كثيرا ؛ على حال العربي الأخير".
*المعطف:
فبورك لمن إنتقى فارتقى؛ لأنّ هذا الإبداع وُجد لتعانق صفحاته روح القاريء الّذي يبحث عن الإستمتاع في عالمه الخاص جدا (إنّه سر).
كانت الإنسانية موجودة.. ففي العالم العربي، الجنون والمجانين الذين يشبهونني في كل مكان، لايمكن أن تكتب عن الذّات الإنسانية دون تلقّي حجرٍ على الرّأس، التي ربما تجعلك صريعا أو تفيق من غيبوبة، وتنسى أنك كاتب".
*قاريء مجنون:
في تلك الليلة أفسدت أصوات سيارات الشرطة صفو ذهني،فقررت محاولة القراءة في وقت لاحق، لم أجد أي فرصة مناسبة إلا صباح اليوم الموالي بعد صلاة الفجر. ولكن بقي هناك سؤال عالق في ذهني: لماذا لا تشبه الحسناوات كريستينا، أجابني عقلي، لأنهن متصنعات في مسرحيّة الحياة...
★أن تقرأ لمبدع فهذه ميزة ..
أن تبدع ويقرأ لك غيرك فتلك ميزة أخرى ..
أما أن تصبح قارئا ومبدعا في الآن ...فلابد أنك ساحر الكتب !.
إعداد وتحقيق :لجنة القراءة.